الأربعاء، 15 أكتوبر 2008

شبابنا ومقاهي الإنترنت..

الإنترنت وسيلة للتواصل العلمي والأدبي والثقافي بين أبناء المعمورة كلها، و فيه الصالح والطالح و الخير و الشر، مثله مثل وسائل الإعلام الأخرى فهو بوابة ونافذة للعالم ، ناطق بلغات العالم ويؤدى كل الخدمات المرجوة منه، وأصبح "الإنترنت" جزء لا يتجزأ من عالمنا اليوم فقد أخذ حيزا كبيرا من وقتنا ,وقد فرض نفسه في ظل هذا العالم المفعم بالعلم والتكنلوجيا والتقدم فمنذ أن بدأ انتشاره في السعودية مع مطلع عام 2000م عندما بدأت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في تزويد المواطنين بهذه الخدمة , ومنذ ذاك التاريخ و الإنترنت في ازدياد و انتشار .
الكثير اعتقد أن الأمر لا يعدو كونه ثورة سريعة لن تلبث أن تخمد لتعود الحياة إلى مسارها الطبيعي العادي المعتمد على الورقة والقلم ولكنهم لم يكونوا يعلمون أن المستقيل سيكون حاسوبيا محضاً .
في بداية الأمر أشياء كثيرة قيلت و كتبت عن الإنترنت، و شيئا فشيئا تحول التوجس إلى فضول، ثم إلى اكتشاف فإقبال كبير من مختلف الشرائح في المجتمع . ومع انتشار الإنترنت المريع ظهرت مكملات ومتممات جانبية تلتصق بهذا الانتشار ومنها ما يسمى بمقاهي الإنترنت التي استمالت إليها طائفة كبيرة من الناس غالبيتهم العظمى من الشباب.
مقاهي الإنترنت ظهرت في المقام الأول بسب افتقاد معظم المنازل لأجهزة الكومبيوتر وتوصيلات الإنترنت. وعلى الرغم من زيادة عدد المنازل المتصلة بشبكة الإنترنت فإن هذه المقاهي تظل محورا لجذب الشباب، فأصبحت مقاهي الإنترنت تنتشر في كل مدينة وقرية وتنامت أعدادها حتى باتت تعد بالمئات . فكثير من الشباب لا يحبون الحياة بمعزل عن مقاهي الإنترنت نظرا لأنهم مولعون بجو الاتصالات والعلاقات هناك وبالجلوس مع الأصدقاء أمام الكومبيوتر حتى لو تواجدوا هناك دون استعمال الكومبيوتر. ولوجود شخص متخصص في المقاهي يساعدهم في التغلب على المشاكل التي تواجههم أثناء استخدام هذا الوسيط الجديد.
داخل مقاهي الإنترنت يتم لقاء الشباب مع الإنترنت ومع بعضهم البعض، وذلك بمعنى مزدوج. فهم يلتقون ببعض للترفيه عن أنفسهم وقضاء وقت مشترك مع أقرانهم كما أنهم يلتقون بأنفسهم من خلال مواجهة الغير والتجادل معهم ومع الأفكار وغيرها التي يتعرفون عليها في الإنترنتفمن خلال الاتصال المباشر بشبكة الإنترنت يلتقي الشباب بعالم لا حدود له . فرغم الحدود الاجتماعية والدينية والجغرافية القائمة بوسع الشباب جمع الخبرات خاصة من خلال ال "تشات" أي الدردشة عبر الإنترنت. هذا النمط هو على نحو واضح أكثر نشاطات الإنترنت محبة لدى الشباب .
تشير دراسة للدكتور حمد بن محمد الهاجري، بعنوان (شبكة الإنترنت وتأثيرها على الشباب السعودي، دراسة ميدانية لمقاهي الإنترنت بمدينة الرياض) إلى أن 85% ممن شملتهم الاستبانة يتردّدون على مقهى واحد فقط، وأن 68% منهم لا يفضلون مقهى بعينه، وبينت الدراسة أن هناك عدة أسباب لتغيير المقهى، إذ إن 14% من الزوار يفضلون تغيير المقهى للبحث عن الجديد، وأن 18.8% يغيّرون لمسايرة الأصدقاء، وأن 28% يغيرون المقهى للبحث عن خدمة أفضل، فيما قال 6% من الأشخاص الذين شملهم الاستطلاع: إنهم يغيرون المقهى حتى لا يعرفه أصحاب المقهى.وبينت الدراسة أن 27% ممن شملتهم الاستبانة يشعرون بارتياح مع زوار المقهى، فيما أشار 23.4% إلى أنهم لا يشعرون بارتياح عند مخالطة زوار المقهى، وتردّد 46% منهم في الإجابة، وقالوا: لا ندري.كما أوضحت أن12.8% من زوّار مقاهي الإنترنت يزورون المواقع الإباحية بشكل دائم، وأن 33.3 % يزورون المواقع الإباحية غالباً، فيما قال 12%: إنهم لا يزورونها أبداً مقابل 29.8% يزورونها نادراً.وأوضح 28.6% من زوار المقاهي أن جلوسهم مع أهلهم قلّ بعد تعلمهم للإنترنت، وقال 8.55 %: إن اهتمامهم بشؤون الأسرة واحتياجاتهم قلّت بعد تعلمهم الإنترنت، وقال 2.1 %: إن خلافهم مع الأسرة زاد بعد تعلمهم للإنترنت، فيما قال 27.4%: إن الإنترنت زادت من الشفافية بين أفراد العائلة .
وتختلف وجهات رواد مقاهي الإنترنت عن بعضهم البعض في أسباب ارتياد مقهى الإنترنت
الغالبية من الشباب يملك جهازاً في المنزل ومع ذلك يذهب لمقاهي الإنترنت بشكل دائم أو متقطع لأسباب عدة إما لتغيير الجو أو للحصول على سرعة أعلى والبعض يرى أن في المقهى حرية أكبر من المنزل الذي قد يفرض عليه قيود أو انتقادات بينما المقهي يمنحه حرية ويمكنه استخدام الإنترنت لمدة طويلة دون إزعاج ويتصفح دون رقيب ويجلس مع من أحب وقد يدخن دون أن يزعجه أحد .

وقد ذكر أحد أصحاب هذه المقاهي أن غالبية من يرتاد مقاهي الإنترنت من الشباب من هم في المرحلة الثانوية والجامعية لا للبحث عن المعلومة والفائدة بل للتعارف والمحادثة عن طرق ال ( تشات) وغرف ( الدردشة) لما فيها من تخطى للقيود الاجتماعية وذلك بداية بالحوار مروراً بالغزل والمراسلة عبر المسنجر وانتهاءً بتكوين صداقة وقد يتطور الأمر إلى مالا يحمد عقباه. وعلينا أن نعلم أن مواقع التقنية والمواقع العلمية التي تزار من مقاهي الإنترنت تأتي في المرتبة الأخيرة من حيث الزيارة وهذا يؤكد قناعتنا بأسباب دخول تلك المقاهي وماذا يدار فيها وإلى أين يتجه شبابنا في تصفحهم لتلك التقنية.
ويقول أحد مستثمرى مقاهي الإنترنت إن حجم الرقابة التي يمكن أن تفرض على مرتادي الإنترنت تتفاوت حسب قدرات المستخدم التقنية، فالمبتدئ يُسيطَر عليه بنسبة 100%، أما المحترف فحجم السيطرة عليه لا تتجاوز30% كونه يمتلك طرقا لاختراق الرقابة، تتمثل بما يسمى بـ"البروكسي"، والذي يمكن أن يتطوّر بتطور أجهزة الرقابة وبحسب الحاجة، ويمكن كسر الحظر بالدخول عن طريق مواقع أخرى، أو بتغيير شيفرة الم
وقع، فتكتب الشيفرة بدلا من الأحرف التي تكون اسم الموقع ، وتمر عملية الاتصال.

خطورة الإنترنت ومقاهي الإنترنت:

الإنترنت يختلف عن غيره كوسيلة مؤثرة تستخدم لإفساد الدين والخلق أكثر من غيرها وذلك للأسباب التالية:
1- أن الإنترنت يخلو من الرقابة المفروضة على وسائل الإعلام الأخرى كالفضائيات مثلاً (على ضعف ما في الفضائيات من الرقابة)، لذا فهي تقدم مادة مختلفة عما تقدمه وسائل الإعلام الأخرى، أكثر شهية وإغراء لضعاف النفوس.
2- طبيعة الخصوصية التي تصاحب الإنترنت مقارنة باستخدام الوسائل الأخرى، فالمستخدم للإنترنت يستخدم جهاز حاسب آلي وحيد لا يشاركه أحد غيره، كما أن له بريده الإلكتروني الخاص وكلمات السر المتعلقة به، فيفسح مجالاً لعدم القدرة على الرقابة ومتابعة ما يتم عبر هذه الخدمة.
3- الإنترنت وسيلة ذات اتجاهين بعكس الوسائل الأخرى كالتلفاز مثلاً، فيمكن عبر الإنترنت استخدام الخدمات التفاعلية كالمحادثة والمناقشة وغيرها، وهذا ما لا يتيسر في الخدمات الأخرى وقد تستخدم في الشر .
4- قدرة الإنترنت على القفز على عالم الممنوع والوصول إلى داخل المنازل، وبالتالي الوصول إلى خصوصيات الأسرة، وهذه من أكبر الوسائل المفسدة فيها.
5- إن التعامل مع وسائل الإعلام الأخرى ذات الهدف السيئ يكون ذا طابع عمومي، بعكس الإنترنت فالمستخدم لا يتعامل فقط مع عموميات بل يتعامل مع شخصيات واقعية، لذا فقد وجدنا في بعض المدارس من يوزع صورة إباحية مما ينبئ عن كارثة في المجتمع بسبب بدء انتشار مثل هذه الظواهر .
6- فالإنترنت توفر الصوت والصورة أثناء المحادثة، كما توفر لقطات الفيديو مثلها مثل الوسائل الأخرى.
7- قامت مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية بحجب المواقع السيئة خلقاً وديناً، فليس بمقدورها منع المواد المرسلة عبر البريد الإلكتروني، وهذا يمثل نافذة يمكن أن يدخل من خلالها الشر إلى مستخدمي الإنترنت.
8- أن تشكيك النشء في عقيدتهم سواء بعرض الفرق المنحرفة والتي لم يسبق لهم أن سمعوا عنها، أو الديانات الأخرى وذلك من خلال الإنترنت لهو جبهة هدامة يدخل من خلالها الشيطان وأعوانه إلى هؤلاء الشباب، وإن كان حاجز اللغة الإنجليزية سيبقى لفترة لكنه سينهار مع الوقت، وبداية تعريب هذه المواقع من أهل السوء والضلال وجعلها في متناول أبنائنا وبناتنا، يمثل خطراً عظيماً، ما لم يتم تداركه.
والإنترنت ومقاهيه ـ مثل الأدوات الإعلامية الأخرى – سلاح ذو حدين، يمكن أن يكون مفيدا جدا إذا عرفنا كيف نستغله أحسن استغلال، و هو في نفس الوقت أداة تخريب للنفوس والأرواح عن طريق المواقع التافهة و الجنسية ، وبشيء من المراقبة، وبشيء من التوجيه والإرشاد و التوضيح، يمكن أن نستفيد من هذه الآلة ونحفظ أبناءنا من شرورها والله خير حافظا وهو أرحم الراحمين واليكم بعض التوجيهات وهي توصيات خرجت بها شعبة الحاسب الآلي بالإدارة العامة للتعليم بمنطقة الرياض لاستخدام الإنترنت ومقاهي الإنترنت.
- تقنين خدمة مقاهي الإنترنت وضبطها بحيث تكون تحت رقابة مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية ويمنع دخول الطلاب دون سن معين وليكن 18 سنة، أسوة بالبلدان الأخرى.
- نشر الوعي لدى الطلاب حول خدمة الإنترنت مع إرشادهم إلى المواقع النافعة والهادفة وأن يكون هناك أسبوع خاص تتبناه وزارة التربية والتعليم بالتوعية بأضرار الإنترنت .
- ضرورة تبني قطاع التعليم لمسؤولية إنشاء مواقع تربوية وتعليمية وثقافية موجهة للنشء، ودعم تلك المواقع بالكوادر البشرية، والدعم المادي وإكسابها أولوية في الإهتمام إيماناً بأهمية تلك الخدمة على أبنائنا وفلذات أكبادنا.
- ضبط عمل هذه المقاهي (بداية فتحها وإغلاقها اليومي)، كون عينه كبيرة من مرتاديها من الطلاب.
- إلزام تلك المقاهي باستخدام برامج الترشيح والفلترة للمواقع حرصاً على الدين والأخلاق.
- أهمية تنسيق الجهات التعليمية ممثلة في وزارة التربية والتعليم مع الجهة المسؤولة عن تلك الخدمة ممثلة في مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، والجهات المهتمة بالنصح والإرشاد كوزارة الشئون الإسلامية وأخيراً الجهات المسئولة عن ضبط الأمن كوزارة الداخلية، بخصوص خدمة الإنترنت بشكل عام والمقاهي بشكل خاص وأهمية ضبط تلك الخدمات وتوجيهها.
- عمل زيارات مفاجئة من قبل جهات مختصة لهذه المقاهي ومحاسبة المقصر ومعاقبة المسيء وإشعاره بالمتابعة.
- يجب إزالة الغرف في المقاهي خاصة وأن تكون جميع الأجهزة مفتوحة بحيث يمكن مراقبتها كأن تكون الأجهزة على شكل حرف (U) باللغة الإنجليزية لأن الذين يريدون الغرف الخاصة فهم يريدونها لأشياء (إباحية أو سياسية) في الغالب.
وفي الختام نشكر ما تقوم به مدينة الملك عبد العزيز للعلوم والتقنية في ضبط هذه الخدمة وحجب المواقع الإباحية والغير مرغوب فيها إلا أن اليد الواحدة لاتكون قوية إلا بأختها فالشق أكبر من الرقعة والثغرات كثرت فعلينا جميعاً أن نتعاون معهم لنستفيد من هذه الوسيلة ونحفظ شبابنا من شرها والله خير حافظ .




تقرير / يحيى الخبرني ... نشر في مجلة شباب.