الأحد، 5 أكتوبر 2008

ميزانية الأسرة بين الهدر والترشيد ….. خطوات في ضبط ميزانية الأسرة


ميزانية الأسرة بين الهدر والترشيد ….. خطوات في ضبط ميزانية الأسرة بقلم الأستاذ/ يحيى محمد الخبراني
الأسرة تشكل وحدة اقتصادية منتجة للدخل المادي فقد كانت قائمة في الماضي بكل مظاهر النشاط الإنتاجي والاستهلاكي إضافة إلى كونها وحدة اجتماعية لأفرادها ، فقد كانت الأسرة الممتدة هي سمة المجتمعات العربية حيث يعيش في مسكن واحد ثلاثة أو أكثر من الأجيال ، الجد و الأب ، و الأبناء و قد تتميز هذه الأسرة الممتدة عادة بتعاون جميع أفرادها في اقتصاد مشترك بينهم . و ميزانية الأسرة في السابق من أفضل الميزانيات حيث كانت مصروفاتها أقل من إيراداتها مما كان هذا الأمر يساعد على رغد العيش . و قد تطورت المجتمعات بعد ظهور البترول والهجرة للعمل فظهرت الأسرة النووية التي شكلت النمط السائد في المجتمعات الآن ، و هي الأسرة التي تتكون من الزوج و الزوجة والأبناء غير المتزوجين حيث يقيمون في مسكن مستقل بهم لهم خصوصيتهم واقتصادهم الخاص بهم،و تعتمد على الإنفاق والاستهلاك ، فأصبحت الإيرادات لا تكاد تغطي نصف المصروفات بسبب تعدد الكماليات التي انتشرت في هذا الزمان بالإضافة للمصروفات الزائدة بسبب ارتفاع أسعار الخدمات مثل الكهرباء والماء والهاتف والجوال ومتطلبات الحياة اليومية من مأكل ومشرب وغيرها من المتطلبات التي أظهرته لنا تطورات الحياة .ويعتبر اليوم عمل رب الأسرة المصدر الأساسي غالباً لدخل الأسرة وتلبية احتياجاتها وقد تعمل الأم وتساعد الزوج في الإنفاق على الأسرة مما يحسن الوضع الاقتصادي للأسرة وفي كثير من المجتمعات يرتبط المستوى الاقتصادي للأسرة بمستواها الاجتماعي ، ومن هنا يكون التخطيط الاقتصادي للأسرة مطلب يجب أن يُربّى عليه الأبناء ؛ لأن متطلبات الحياة كثيرة ولا تنتهي ولا بد أن يكون هناك إدارة وتخطيط للصرف والترشيد وخصوصاً في وقتنا الحاضر، فيحتاج جميع أفراد الأسرة وعلى رأسهم الأبوين إلى نوع من التعليم والوعي في إدارة المنزل واقتصاديات الأسرة لتكون لديهم مهارات تساعدهم في التعامل مع المواقف الاقتصادية والأزمات المالية وهذه المهارات الاقتصادية المتعلمة والمكتسبة مرتبطة بالإنتاجية وتحسين الدخل ومستوى المعيشة فلها أثرها على اقتصاد الأسرة ، ويدخل في إطار اقتصاديات الأسرة عدة نواحي مختلفة يجب الإلمام بها وهي: 1- صنع القرار عن الموارد المملوكة 2- إنفاق الأموال في استخدامات مختلفة ( الأهم فالمهم) 3- التنظيم المتصل بالموارد البشرية وفرص الاتصال وتربية الأطفال 4- صنع القرار فيما يتصل بالنواحي المالية في حالة الاحتياج لتحديث المنزل بأجهزة حديثة ،مع عدم توافر الأموال المطلوبة .وتأكيداً لأهمية الأسرة في الاقتصاد هناك مجال معرفي ومستقل ومعترف به عالمياً وهو ما يسمى الاقتصاد المنزلي وتندرج تحته عدة تخصصات مهمة في جميع مستويات التعليم العام والجامعي والعالي ومن أبرز هذه التخصصات : إدارة المنزل واقتصاديات الأسرة و التنمية البشرية و الغذاء والتغذية و الإسكان والتأثيث والديكور والملابس والمنسوجات و التدريب للمهن ذات الصلة ومن هنا تعتبر الأسرة وحدة اقتصادية مهمة في المجتمع ،ومع التوسع في الحياة المدنية وكثرة متطلباتها نجد أن هناك أسر يغلب عليها البذخ والتبذير ، والبعض من الأسر يغيب التدبير والتخطيط عن حياتهم، وتنقصهم الإدارة في الصرف، ولا يضعون سقفاً لمصروفاتهم ، وبناء على ذلك فإن عشوائية الصرف تخلي ما في أيديهم من مال، ليلجئوا بعد ذلك إلى الديون والأقساط التي غرق فيها أكثر الناس حتى أصبح كل شيء في حياتهم بالتقسيط ، ويقودنا هذا إلى أن التخطيط الاقتصادي للأسرة مطلب ضروريّ لكل الأسر، ويجب أن يُربّى عليه الأبناء ؛ لأن متطلبات الحياة كثيرة ولا تنتهي ولهذا وجب أن يكون هناك إدارة وتخطيط للصرف والترشيد وخصوصاً في وقتنا الحاضر للارتفاع الملحوظ في بعض الأشياء المهمة في حياتنا . فيجب على الزوج والزوجة التفاهم في مصروفات الأسرة وتحديدها والتخطيط لها حتى يسير مركب الأسرة دون أن يغرق . فالزوجان العاقلان هما اللذان ينجحان في قيادة أسرتهم إلى بر الأمان من خلال التخطيط المالي الجيد بحيث يتجنبان الاستدانة وفي نفس الوقت ينجحان في تكوين مدخرات مالية تنفع الأسرة في الظروف المالية المتقلبة ، وإشراك الأبناء في هذا التخطيط وأخذ أرائهم والتفاهم معهم بحسب المرحلة العمرية لهم . وهذا التخطيط لا تغفله بعض الأسر الواعية وأقول الواعية التي حضيت بقسط وفير من التعليم ولديها وعي ، فالزوجان يحصران و يدرسان إيرادات ونفقات الأسرة حتى يتسنى لهم التخطيط لإدارة ميزانية الأسرة وحتى يكون لهم برنامج ادخاري مهما كان صغيرا لمواجهة الطوارئ والمستقبل الذي ينتظر أبنائهم من تعليم وزاج وغيرها من الأمور . فالأسرة الواعية تبتعد بشكل أساسي عن الاستهلاك المظهري الذي يؤدي إلى الإسراف في غير محله أو شراء ما لا تحتاجه بحجة رخص الثمن أو سهولة الحصول عليه مهما كانت المغريات من خلال البرامج الإعلانية والتسويقية التي اقتحمت على الناس بيوتهم من خلال منافذ كثيرة ، مما قد يقود إلى الدين وهذا أمر غير محمود و عواقبه وخيمة ، ولا يقع فيه من غير حاجة إلا ذلك المتخبط الذي لم يخطط لميزانية أسرته .أما الأسرة التي تخطط لميزانيتها تحدد أولويات للمصروف كما يلي:* الضروريات : وهي ما لا يمكن أن تستقيم الحياة بدونها مثل نفقات المأكل والمشرب والملبس والمسكن والصحة والأدوية والتعليم. * الحاجيات : وهي ما ينفق على ما تحتاجه الأسرة لجعل الحياة ميسرة وتخفيف مشاق الحياة ولا ينفق على الحاجيات إلا بعد استيفاء الضروريات . * التحسينيات : وهي ما ينفق لجعل الحياة رغدة طيبة وأحسن حالا كتغيير أثاث المنزل أو النزهات والمناسبات أو شراء الأجهزة الكهربائية الحديثة.وهذه الأسرة تجعل صفحة خاصة لميزانيتها لكل شهر من الشهور تقسمها وتقف في نهاية كل شهر لتقييم الميزانية ، وإعادة وتوزيع الموارد عند الحاجة على الاحتياجات وما تتطلبه الظروف والطوارئ فميزانية الأسرة المستقرة والمتزنة في مصروفاتها سبب في اتزان الأسرة واستقرارها وسعادتها بإذن الله .